المبحث الخامس: حجية عمل الخلفاء الراشدين

إن عمل الخلفاء الراشدين منه ما أتفق عليه الصحابة فهو إجماع ملزم لمن بعدهم من الأجيال، ومنه ما لا مجال فيه للرأي والاجتهاد فحكمه حكم السنة المرفوعة ومنه ما مجاله الاجتهاد وخالفهم فيه آخرون من الصحابة، لكنهم أذعنوا لاجتهاد الخلفاء لأنهم "أولوا أمر" تجب طاعتهم، وهذا القسم اختلف الأصوليون في حجيته، فمنهم من رآه حجة على الأجيال التالية فيعمل به ما لم يخالف كتاباً ولا سنة، وكلام الإمام أحمد في إحدى الروايتين يدل على أن قولهم حجة (?)، فهو لا يخرج عن قولهم إلى قول غيرهم.

ويقدم الشافعي قول الخلفاء الراشدين على قول غيرهم من الصحابة، فإذا اختلف الصحابة على قولين، وكان الخلفاء الراشدون مع أحد الفريقين، يصار إلى قول الخلفاء الأربعة، ولكن نقل عن الشافعي أيضاً أن الفريقين من الصحابة سواء. ويحتاج الترجيح بينهما إلى مرجح (?).

قال الشافعي: "ما كان الكتاب أو السنة موجودين، فالعذر على من سمعهما مقطوع إلا بإتباعهما، فإن لم يكن ذلك صرنا إلى أقاويل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو واحد منهم، ثم كان قول الأئمة أبي بكر وعمر وعثمان- رضي الله عنهم- أحب إلينا إذا صرنا إلى التقليد، وذلك إذا لم تجد دلالة في الاختلاف تدل على أقرب الاختلاف من الكتاب والسنة، فنتبع القول الذي معه الدلالة، لأن قول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015