لم يمكث علي بعد موقعة الجمل بالبصرة طويلاً، فما إن أعطى أهلها بيعتهم واستقام له الأمر فيها، حتى اتجه بجيشه نحو الكوفة، حيث يلقى تأييداً قوياً من أهلها في مواجهة معاوية بن أبي سفيان بالشام الذي أصرَّ على معاقبة قتلة عثمان قبل إعطاء البيعة لعلي، ويتضح موقفه وهو يحاور القراء من رجاله، مما توضحه الرواية التالية: "جاء أبو مسلم الخولاني وناس معه إلى معاوية فقالوا له: أنت تنازع علياً أم أنت مثله؟ فقال معاوية: لا والله إني لأعلم أن علياً أفضل مني، وإنه لأحقُّ بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قُتل مظلوماً، وأنا ابن عمه، وإنما أطلب بدم عثمان، فأتوه فقولوا له فليدفع إليَّ قتلة عثمان وأسلِّمُ له (?)، فأتوا علياً فكلموه بذلك فلم يدفعهم إليه" (?). وكان معاوية يؤكد على هذا المعنى "ما قاتلت علياً إلا في أمر عثمان" (?).
وقد رأى معاوية أنه ولي دم عثمان، لأنه صار رأس بني أمية مكانةً، والأحاديث النبوية تدل على أن عثمان يُقتل مظلوماً، بل تذكر أن النبي صلى الله عليه