ثيودورس إلى الإسكندرية واحتمى المقوقس بالحصون، وبعد حصار سبعة أشهر فاوض المسلمين على الصلح على الجزية للقبط والخيار للروم، وخلال حصار بابليون تمكن عمرو بن العاص من الاستيلاء على الفيوم وجنوب الدلتا كما استولى على أم دنين إحدى مسالح الروم المهمة.
وبعد سقوط حصن بابليون فتح الطريق أمام المسلمين للاستيلاء على مصر السفلى حيث لم يلقوا مقاومة عنيفة، كما اتجهوا نحو الإسكندرية في الشمال، والإسكندرية حصينة كما أن موقعها البحري يمكن الروم من إيصال الأمداد إليها بحراً، وقد لقي الجيش الإسلامي في طريقه إليها مقاومة من الروم حتى وصل إليها، ودافع الروم عنها وضربوا المسلمين بالمجانيق، وطال حصارها، وكان الإمبراطور هرقل قد عزل المقوقس عن مصر ونفاه على اثر مصالحته المسلمين في بابليون، ومات هرقل فرجع المقوقس إلى ولايته على مصر فرأى الإسكندرية محاصرة، فصالح المسلمين عليها، على الجزية لمن شاء البقاء ولا يمنع من يريد الالتحاق بالروم. وهكذا سيطر المسلمون على الإسكندرية، وبدءوا بإنشاء الفسطاط وحفر قناة بين النيل والبحر الأحمر، ثم اتجه عمرو بن العاص نحو الغرب ففتح برقة صلحاً سنة (21) هـ وفتح طرابلس عنوة سنة (22) هـ.
ويمكن أن نلاحظ أن موقف الروم في مصر يتميز بالمقاومة العنيفة، لأن المسلمين يسلبونهم سلطانهم، ومنهم من سالم رغبة في الاستفادة من المسلمين كالمقوقس بعد أن نفض يده من بيزنطة.
أما القبط فقد ساعدوا المسلمين بإصلاح الطرق وإقامة الجسور وإمدادهم بالمؤونة، وكان اضطهاد البيزنطيين لهم دينياً وإجحافهم لهم بالضرائب، وصورة الحرية الدينية التي أتاحها المسلمون لنصارى الشام تجعلهم يرحبون بالمسلمين (?).