نستشهد بقول بتلر عن إدارة مصر: "أن الروم كانوا يجبون من مصر جزية على النفوس، وضرائب أخرى كثيرة العدد". ويقول: "مما لا شك فيه أن ضرائب الروم كانت فوق الطاقة، وكانت تجري بين الناس على غير عدل". ويقول: "أن حكومة مصر الرومية لم يكن لها إلا غرض واحد، وهو أن تبتز الأموال من الرعية لتكون غنيمة للحاكمين" (?). وحتى الروم أنفسهم تعرضوا لثقل الضرائب وخاصة الفلاحين الذين اضطرتهم الضرائب الباهظة إلى بيع أراضيهم والهجرة إلى المدن (?).
رغم أن الإمبراطورية البيزنطية تدين بالنصرانية، لكن تعاليم النصرانية لم تبق كما جاء بها عيسى عليه السلام. "بل إن تعاليم الكنيسة انطوت على قدر كبير من تفكير الفلاسفة الوثنيين، واستخدمت الكنيسة وسائلهم وأسلحتهم العقلية في شرح العقيدة المسيحية" (?).
وخلاصة القول أن النصرانية الحقة فقدت روحانيتها ووحدانيتها لما أدخله إليها داعيتها الكبير بولس من تعاليم وثنية نشأ عليها قبل تنصره، ولما تنصَّر الإمبراطور البيزنطي قسطنطين أدخل إليها مزيجاً من الخرافات اليونانية والوثنية الرومانية والأفلاطونية المصرية والرهبانية، وبذلك تحرفت الديانة وضاعت تعاليمها الأصلية، وانحدرت إلى عبادة القديسين والصور (?).
وقد وقع الخلاف المذهبي الذي كان محوره تفسير طبيعة المسيح عليه