الإنجيل" (?).

وقد ذكر القرآن الكريم معرفة بعض اليهود بالكتابة، وذلك في الآية: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) (?).

ولا شك أن ورود مصطلحات الكتابة وأدواتها في القرآن الكريم كاللوح والقرطاس والقلم والمداد يدل على معرفة المخاطبين بها.

وكذلك فإن المستوى البياني والفكري للقرآن الكريم يبين المستوى الثقافي للعرب وقت نزوله، فما فيه من أوجه البلاغة ومعاني الحكمة، والمحاججات والأقيسة العقلية كل ذلك يحتاج فهمه إلى مستوى ثقافي وذوق لغوي وقدرة عقلية. ثم إن القرآن معجزة بيانية أولاً- وإن ظهرت للبعض فيه أوجه أخرى للإعجاز- تحدى الله بها العرب لعنايتهم الفائقة بفن القول، حتى صار شغلهم الشاغل في ندواتهم، بل في سائر حياتهم. وهل يبلغ التحدي مداه والإعجاز حده إلا عندما تعجز أمة (فن القول) عن أن تقول مثل القرآن؟.

ولا غرابة أن يرتفع مستوى الثقافة آنذاك مع قلة عدد الكاتبين، بل ربما كان ذلك أدعى إلى حفظ الصدر وحدَّة الفكر واعتماد السليقة، فلابد من التمييز بين (الثقافة) و (تعلم الكتابة)، فالعلم والتقاليد يمكن نقلهما من جيل إلى آخر عن طريق التواصل بين الأجيال حتى في المجتمعات الأمية. وقد قامت العائلة والقبيلة بنقل التراث الثقافي في المجتمع العربي قبل الإسلام، وكانت الأسمار في مجلس القبيلة الذي يحضره الشعراء والنسابون والإخباريون، ثم الأسواق الأدبية، التي تجتمع فيها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015