اندثرت حضارات معين وسبأ وحمير في اليمن، حيث انتشرت الكتابة وعرف خط المسند.
وما نعرفه عن مراكز العلم والثقافة العالمية عند ظهور الإسلام يبدو ضئيلاً جداً، فالقوى العالمية المعاصرة لظهوره كانت متمثلة بالإمبراطوريتين الساسانية والبيزنطية وقد أزال الإسلام الأولى، وحسر الثانية عن حوض البحر المتوسط الجنوبي والشرقي حيث مستعمراتها الغنية. لكنها بقيت تناهضه وتعارضه بدينها وثقافتها وتتبادل معه الخبرات عبر اتصالات الحرب والسلام.
ومن هذه المعلومات الضئيلة التي حفظها التاريخ، عرفنا مركزاً ثقافياً مهماً في علوم الطب والفلسفة، يتمثل في مكتبة الإسكندرية الشهيرة التي حافظت على الثقافة الإغريقية والكتب البابلية التي اعتكف العلماء على ترجمتها وشرحها (?)، ومركزاً آخر في جند يسابور، حيث أنشأ كسرى انوشروان (531 - (578) م) المدارس العليا لتعليم الطب، كما أمر بنقل كتب علمية من اللغات السريانية واليونانية والسنسكريتية إلى البهلوية التي كانت في ذلك العصر لغة الفرس (?). وثمة إشارات إلى أنشطة فكرية في الأديرة النصرانية أو المدارس اليهودية، وخاصة في الرها حيث ينشط السريان. وإشارات أخرى إلى المعابد المصرية القديمة التي حفظت كتب علماء مصر القدماء، ومنها معبد سيرابيس بالإسكندرية (?) ومعبد أخميم الذي أقامه اليونان في مصر العليا، وكان يطلق عليه "دار الحكمة لقدماء اليونان" (?).