في غزوة تبوك في الحديث الذي خرجه الإمام أحمد في مسنده حيث قال حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا بكر بن مضر عن ابن الهاد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك قام من الليل يصلى فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه حتى إذا صلى وانصرف إليهم فقال لهم: "لقد أعطيت الليلة خمسا ما أعطيهن أحد قبلي" الخ الحديث. وهذا من الشواهد لرواية هشيم بن بشير التي أشار إليها الحافظ ابن حجر فيما تقدم.
2- قوله " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي " مفهوم الحديث أنه لم يختص بغير الخمس المذكورة وقد عدد الحافظ ابن حجر في فتح الباري خصائص أخرى غيرها فبلغت بها سبع عشرة وقال: يمكن أن يوجد أكثر من ذلك لمن أمعن التتبع. وقال: وقد ذكر أبو سعيد النيسابوري في كتاب شرف المصطفي أن عدد الذي اختص به نبينا صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء ستون خصلة. وقد أشار السيوطي في شرحه لسنن النسائي إلى كلام الحافظ ابن حجر هذا وأن ذلك دعاه إلى تتبعها وأنه أفردها بمؤلف سماه: أنموزج اللبيب في خصائص الحبيب، قسمها فيه إلى قسمين ما خص به عن الأنبياء وما خص به عن الأمة وبلغت عدة القسمين أكثر من ألف خصيصة.
وقال الحافظ ابن حجر في الجمع بين هذا المفهوم وبين الأدلة الدالة على الخصائص الأخرى: وطريق الجمع أن يقال: لعله اطلع أولا على بعض ما اختص به ثم اطلع على الباقي ومن لا يرى مفهوم العدد حجة يدفع هذا الإشكال من أصله.
3- قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وظاهر الحديث يقتضى أن كل واحدة من الخمس المذكورات لم تكن لأحد قبله وهو كذلك ولا يعترض بأن نوحاً عليه السلام كان مبعوثا إلى أهل الأرض بعد الطوفان لأنه لم يبق إلا من كان مؤمنا معه وقد كان مرسلا إليهم، لأن هذا العموم لم يكن من اصل بعثته وإنما اتفق بالحادث الذي وقع وهو انحصار الخلق بالموجودين بعد هلاك سائر الناس، وأما نبينا صلى الله عليه وسلم فعموم رسالته من أصل البعثة فثبت اختصاصه بذلك،