5- النهي عن الحلف بغير الله قد يعارضه ما ورد في حديث "أفلح وأبيه إن صدق"؟ والجواب عن ذلك ما قاله الحافظ ابن حجر في الفتح بعد إشارته إلى الحديث المشار إليه قال فان قيل ما الجامع بين هذا وبين النهي عن الحلف بالآباء؟ أجيب بأن ذلك كان قبل النهي أو بأنها كلمة جارية على اللسان لا يقصد بها الحلف كما جرى على لسانهم عقري حلقي. وما أشبه ذلك ثم ذكر وجوها أخرى وقال: وأقوى الأجوبة الأولان.
6- جاء عن سلف هذه الأمة ما يبين سلامتهم من الحلف بغير الله وبعدهم عن التعلق بغيره سبحانه وبيان خطورة هذا الأمر، فأمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يقول بعد أن قال له الرسول صلى الله عليه وسلم ما قال: فوالله ما حلفت بها منذ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ذاكرا ولا آثرا.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: قال الشعبي: لأن أقسم بالله فأحنث أحب إلى من أن أحلف بغيره فأبر، ثم قال: وجاء مثله عن ابن عباس وابن مسعود وابن عمر.
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، في باب قول الله تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} قال: وقال ابن مسعود: لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا
وقال حفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن في كتاب فتح المجيد: ومن المعلوم أن الحلف بالله كاذبا كبيرة من الكبائر لكن الشرك أكبر من الكبائر وإن كان أصغر، فإذا كان هذا حال الشرك الأصغر فكيف بالشرك الأكبر الموجب للخلود بالنار كدعوة غير الله والاستغاثة به والرغبة إليه وإنزال حوائجه به.
وقال حفيده الشيخ سليمان بن عبد الله في كتاب تيسير العزيز الحميد: وإنما رجح ابن مسعود رضي الله عنه الحلف بالله كاذبا على الحلف بغيره صادقا لأن الحلف بالله توحيد والحلف بغيره شرك، وإن قدر الصدق في الحلف بغير الله فحسنة التوحيد أعظم من حسنة الصدق، وسيئة الكذب أسهل من سيئة