الخامس: ما حكم فيه بالوهم على بعض رجاله.

السادس: ما اختلف فيه بتعيين بعض ألفاظ المتن.

وفي ضمن ذكره لهذه الأقسام ذكر الجواب عن ذلك في الجملة وأشار إلى بعض الأحاديث المنتقدة التي فصل القول فيها بما يوضح الجواب الإجمالي. ثم قال: فهذه جملة أقسام ما انتقده الأئمة على الصحيح وقد حررتها وحققتها وقسمتها وفصلتها، لا يظهر منها ما يؤثر في أصل موضوع الكتاب بحمد الله إلا النادر. وقال في نهاية الفصل: هذا جميع ما تعقبه الحفاظ النقاد العارفون بعلل الأسانيد المطلعون على خفايا الطرق- إلى أن قال: فإذا تأمل المنصف ما حررته من ذلك عظم مقدار هذا المصنف في نفسه وجل تصنيفه في عينه وعذر الأئمة من أهل العلم في تلقيه بالقبول والتسليم وتقديمهم له على كل مصنف في الحديث والقديم.

عناية العلماء بصحيح البخاري: وقصارى القول: أن صحيح البخاري أول مصنف في الصحيح المجرد وهو أصح كتاب بعد كتاب الله العزيز، ورجاله مقدمون في الرتبة على غيرهم وأحاديثه على كثرتها أينتقد الجهابذة المبرزون في هذا الفن منها إلا القليل مع عدم سلامة هذا النقد، ومع هذا كله جمع فيه مؤلفه رحمه الله بين الرواية والدراية، وهذه الميزات وغيرها هي السر في إقبال العلماء عليه واشتغالهم فيه وعنايتهم التامة به، فلقد بذل العلماء قديما وحديثاً فيه الجهود العظيمة، وصرفوا في خدمته الأوقات الثمينة، وأولوه ما هو جدير به من اهتمامهم، فكم شارح لجميع ما بين دفتيه بسطا واختصارا، ومقتصر على إيضاح بعض جوانبه، فألفوا في رجاله عموما وفي شيوخه خصوصا، وصنفوا في شرح تراجم أبوابه وغير ذلك من الجوانب التي أفردت بالتأليف.

وكان على رأس المبرزين في هذا الميدان الحافظ الكبير أحمد بن حجر العسقلاني المتوفي سنة 852 هـ، فقد أودع في كتابه العظيم فتح الباري بشرح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015