وقال الحافظ عبد الغني المقدسي في كتابه الكمال- فيما نقله في شذرات الذهب: الإمام أبو عبد الله الجعفي مولاهم البخاري صاحب الصحيح، إمام هذا الشأن والمقتدى به فيه والمعول على كتابه بين أهل الإسلام.
وقال الإمام الشوكاني في مطلع كتابه قطر الولي على حديث الولي، وهو حديث "من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب " قال: ولا حاجة لنا في الكلام على رجال إسناده فقد أجمع أهل هذا الشأن أن أحاديث الصحيحين أو أحدهما كلها من المعلوم صدقه المتلقي بالقبول المجمع على ثبوته، وعند هذه الإجماعات تندفع كل شبهة ويزول كل تشكيك، وقد دفع أكابر الأئمة من تعرض للكلام على شيء مما فيهما وردوه أبلغ رد وبينوا صحته أكمل بيان، فالكلام على إسناده بعد هذا لا يأتي بفائدة يعتد بها، فكل رواته قد جاوزوا القنطرة، وارتفع عنهم القيل والقال، وصاروا أكبر من أن يتكلم فيهم بكلام، أو يتناولهم طعن طاعن، أو توهين موهن انتهى.
هذه أمثلة لكلام العلماء في صحيح البخاري، وبيان علو درجته وتلقى الأمة له ولصحيح مسلم بالقبول.
وجوه ترجيح صحيحه على صحيح مسلم: تقدم ذكر بعض أقوال الأئمة الدالة على تقديم الصحيحين صحيح البخاري وصحيح مسلم على غير هما وتلقى الأمة لهما بالقبول، وفي بعضها النص على تقديم صحيح البخاري على صحيح مسلم وهو أمر مشهور عند أهل العلم وذلك لأمور:
الأول: أن الذين انفرد البخاري بالإخراج لهم دون مسلم أربعمائة وبضعة وثلاثون رجلا، المتكلم فيه بالضعف منهم ثمانون رجلا، والذين انفرد مسلم بالإخراج لهم دون البخاري ستمائة وعشرون رجلا، المتكلم فيه بالضعف منهم مائة وستون رجلا، ولا شك أن التخريج عمن لم يتكلم فيه أصلا أولى من التخريج عمن تكلم فيه وإن لم يكن ذلك الكلام قادحا.