وإن كان ممكنا عقلا لا عادة: فإغراق؛ كقوله [من الوافر]:
ونكرم جارنا ما دام فينا … ونتبعه الكرامة حيث مالا
وهما مقبولان؛ وإلا (?) فغلوّ؛ كقوله [من الكامل]:
وأخفت أهل الشّرك حتّى إنّه … لتخافك النّطف الّتى لم تخلق
والمقبول منه أصناف؛ منها: ما أدخل عليه ما يقرّبه إلى الصحة؛ نحو: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ (?).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وصف الفرس بأنه أدرك ثورا وبقرة وحشيين فى مضمار واحد ولم يعرق والعداء (بالكسر) الموالاة بين الصيدين بصرع أحدهما فى أثر الآخر وفيه نظر، لأن هذا إخبار بالواقع بغير مبالغة، وإن كان ممكنا عقلا لا عادة سمى إغراقا كقوله:
ونكرم جارنا ما دام فينا … ونتبعه الكرامة حيث مالا (?)
فإن كون جاره لا يميل إلى جهة إلا تبعته كرامته مستحيل عادة ممكن عقلا، كذا قيل.
وفيه نظر لإمكان حمل ذلك على تزويده بما يصاحبه فى كل جهة يميل إليها، كما هى عادة الكرام، وهذا البيت أنشده عبد اللطيف البغدادى: ونكرم ضيفنا، وعزاه إلى عمرو بن الأيهم، وهما أى التبليغ والإغراق، مقبولان قوله (وإلا) أى وإن لم يكن القدر المدعى من شدة الوصف أو ضعفه ممكنا عقلا، فالمبالغة تسمى غلوا كقول أبى نواس:
وأخفت أهل الشّرك حتّى إنّه … لتخافك النّطف الّتى لم تخلق (?)
ثم أخذ المصنف فى بيان المقبول من هذه الأقسام، فالقسمان الأولان وهما: التبليغ، والإغراق، مقبولان لأنهما من البديع (و) الثالث وهو الغلو المقبول منه أصناف، منها ما أدخل عليه ما يقربه إلى الصحة نحو لفظ: يكاد فى قوله تعالى: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ولك أن تقول المستحيل كيف يقرب من الصحة بكاد أو غيرها، وكقول الشاعر، وقيل: هو ابن حميد الصقلى:
ويكاد يخرج سرعة عن ظلّه … لو كان يرغب فى فراق رفيق (?)