ومنه: الاستخدام؛ وهو أن يراد بلفظ له معنيان أحدهما، ثمّ بالآخر الآخر، أو يراد بأحد ضميرين أحدهما، ثم بالآخر الآخر:
فالأوّل: كقوله [من الوافر]:
إذا نزل السّماء بأرض قوم … رعيناه وإن كانوا غضابا
والثانى: كقوله [من الكامل]:
فسقى الغضى والسّاكنيه وإن هم … شبّوه بين جوانحى وضلوعى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وضرب لا يبلغ ذلك، كقول ابن الربيع:
لولا التّطيّر بالخلاف وأنّهم … قالوا مريض لا يعود مريضا
لقضيت نحبى فى فنائك خدمة … لأكون مندوبا قضى مفروضا (?)
وقال السكاكى: أكثر متشابهات القرآن تورية.
قوله: (منه) أى ومن المعنوى (الاستخدام) قال: سمى استخداما؛ لأن الكلمة خدمت لمعنيين، وقال الخطيبى: يسمى الاستحدام بالحاء المهملة، وهو قسمان: الأول أن يراد بلفظ له معنيان أحدهما سواء أكانا متساويين أم لا، ثم يؤتى بعده بضمير يعود فى اللفظ عليه، وفى المعنى على معناه الآخر، مثاله قول معاوية بن مالك:
إذا نزل السّماء بأرض قوم … رعيناه وإن كانوا غضابا (?)
فإنه أراد بالسماء المطر، وأراد بالضمير فى رعيناه النبات والنبات أحد معنيى السماء؛ لأنه مجاز عنه باعتبار أن المطر سببه، وسوغ عود الضمير على النبات - وإن لم يتقدم له ذكر - ذكر سببه، وهو السماء التى أريد بها المطر. الثانى: أن يراد بأحد ضميرى اللفظ معنى، وبضميره الآخر آخر كقول البحترى:
فسقى الغضا والساكنيه وإن هم … شبوه بين جوانحى وضلوعى (?)