. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

هنا على سبيل التمثيل، وليس من شرط التمثيل رعاية جميع الألفاظ، بل أن يكون التشبيه منتزعا من عدة أمور متوهمة، سواء حصل ذلك من كلمة واحدة أم من كلمات، وقال: إنه على رأى الزمخشرى لا يكون فيه تشبيهان كما فى الإيضاح، بل ثلاثة:

تشبيه الشيب بالكناية، واشتعل بالتخييل والرأس - أيضا - فإنها كالحطب بالنسبة إلى النار وأشار إلى القسم الثانى بقوله: (وإما عقلى) أى تشبيه محسوس بوجه عقلى نحو قوله تعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ (?) فالمستعار منه كشط الجلد عن لحم الشاة، والمستعار له كشف الضوء عن مكان اللّيل، وهما حسيان، والجامع بينهما ما يعقل من ترتيب أمر على آخر، أى على آخر يضاده ويعقبه، وقد يقال: الجامع خروج شئ من شئ. قال المصنف: وقيل: المستعار له ظهور النهار من ظلمة الليل، وليس بسديد، لأنه لو كان كذلك لقال: فإذا هم مبصرون، ولما قال: فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (?) أى داخلون فى الظلام.

قلت: عبارة السكاكى هى عبارة الإمام فخر الدين والزنجانى، وليس ما ذكره مراد السكاكى، بل مراده بظهور النهار من ظلمة الليل زوال النهار وبقاء الظلمة، غير أنه تجوز فى إطلاق ظهور النهار على زواله، وهذا يستعمل كثيرا، كما تقول: ظهر فلان من هذا المكان أى خرج منه وكتب عمر إلى أبى عبيدة رضى الله عنهما: أظهر من معك من المسلمين إلى الأرض أى اخرج بهم إلى ظاهرها والتحقيق أن ما أراده المصنف وما أراده السكاكى متعاكسان إلا أنهما راجعان لمعنى واحد فإن المصنف بنى على أن النهار والجلد ظرفان للظلمة ولحم الشاة فتقول: سلخت النهار عن الليل كما تقول: سلخت الجلد عن الشاة والسكاكى نبه على أن الظلمة ظرف للنور ألا ترى أنه قال: المستعار له ظهور النهار وظلمة الليل والمستعار منه ظهور المسلوخ من جلدته فلا بد أن تعتقد أنه أراد الظلمة ظرف للنور ليكون المسلوخ منه مشبها بالمسلوخ منه والمسلوخ مشبها بالمسلوخ ولكل من القولين مرجح أما كلام المصنف فيشهد له أمر أن أحدهما لفظى وهو أن كلام اللغويين يشهد أن المسلوخ هو الجلد

والمسلوخ عنه الشاة ونحوها والشاة وإن سميت مسلوخة فلاعتبار أنها مسلوخ عنها الجلد كذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015