فإنّ وجه الشبه فيه هو الهيئة الحاصلة من حصول أشياء مشرقة بيض فى جوانب شئ مظلم أسود، فهى غير موجودة فى المشبّه به إلا على طريق التخييل، وذلك أنه لما كانت البدعة - وكل ما هو جهل - تجعل صاحبها كمن يمشى فى الظلمة، فلا يهتدى للطريق، ولا يأمن أن ينال مكروها شبّهت بها، ولزم بطريق العكس: أن تشبه السنة - وكل ما هو علم - بالنور، وشاع ذلك حتى تخيّل أن الثانى مما له بياض وإشراق؛ نحو: (أتيتكم بالحنيفيّة البيضاء) (?).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإن الجامع بينهما الهيئة الحاصلة من حصول أشياء مشرقة بيض فى جوانب شئ مظلم، وليس ذلك فى السنن والابتداع إلا على وجه التخييل، هذا معنى عبارة الإيضاح.
(قلت): وتحرير العبارة أنه شبه النجوم بالسنن، والجامع حصول النور، وهو خيالى فى السنن، وشبه الدجى بالابتداع وهو خيالى فى الابتداع، وحصل فى ضمن ذلك تشبيه الهيئة بالهيئة، والتشبيه الصريح إنما هو الأول، والثانى قيد فيه، ثم ذكر المصنف أن كون البدعة تجعل صاحبها فى حكم من يمشى فى الظلمة جعلها مشبهة بالظلمة، ولزم من ذلك تشبيه الهدى بالنور، وأصل ذلك قوله تعالى: يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ (?) وشاع ذلك حتى وصف الأول بالسواد فى قولهم: شاهدت من جبينه سواد الكفر، والثانى بالبياض كقوله صلّى الله عليه وسلّم:" أتيتكم بالحنيفية البيضاء" (?) وليس منه:
" الظلم ظلمات يوم القيامة" (?) لجواز أن يترتب على الظلم نفس الظلمة حقيقة قال:
فصار تشبيه النجوم بين الدجى بالسنن بين الابتداع، كتشبيه النجوم فى الظلام ببياض