. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

يترددون فيه، كقولك: تكلم الأسد، ورمى الأسد بالنشاب إلى غير ذلك من القرائن اللفظية الصارفة عن إرادة الحقيقة، وهو استعارة عندهم. وكيف يمكن تناسى التشبيه فى مثله، مع أن الرمى والكلام لا يصلحان من الأسد الحقيقى؟ وليت شعرى! أى فرق بين زيد وأسد، وبين: تكلم أسد، فى عدم إمكان حمل اللفظ فى الظاهر على الحقيقة، وفى كون الأول تشبيها محذوف الأداة، والأسد فيه حقيقة، والثانى استعارة، ثم نقول:

ليس كل ما وقع خبر مبتدأ يمتنع فيه حمله على الحقيقة، فإنك إذا قلت: هذا أسد، والذى فى دارى أسد ونحو ذلك، مريدا زيدا، فقد وقع الأسد خبر مبتدأ. ومع ذلك لا يمتنع حمله على حقيقته، فكان ينبغى أن يسمى استعارة. فالمعنى الذى قالوه، لا يستمر لهم فى كل خبر مبتدأ، إلا إن كان مقيدا بذلك، وتركوه؛ لوضوحه. ثم إن العلة التى ذكروها بعينها، موجودة فى الصفة التى لا تصلح أن تجرى بالحقيقة على موصوفها، نحو: رأيت رجلا بحرا، ومررت بزيد البحر، ومع ذلك هو عندهم استعارة، لا تشبيه؛ لأنه ليس فى حكم الخبر.

وحاصله أن ما ذكروه لا يطرد، ولا ينعكس، ثم يرد عليهم نحو: صار زيد أسدا، فإنه استعارة، كما صرح به المصنف فى الكلام على أن الاستعارة مجاز لغوى، مع ذكر طرفى التشبيه، ووجود ما ذكروه. ثم إن المصنف قال فى قوله صلّى الله عليه وسلّم:" وهم يد على من سواهم" (?): إنه استعارة، وهو عكس ما ذكره هنا. وجعل صاحب مواد البيان من المجاز قوله تعالى: أُمَّهاتُهُمْ من قوله تعالى: وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ (?) وقوله تعالى: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ وقول النبى صلّى الله عليه وسلّم:" النساء حبائل الشيطان، والشباب شعبة من الجنون، والمسلم مرآة أخيه (?) ". وقول على - رضى الله عنه -:" السفر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015