ومما جاء بين كلامين وهو أكثر من جملة: قوله تعالى: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ (?)؛ فإن قوله: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ بيان لقوله: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وينبغى أن يقال: النكتة أن الإخبار بأن علم المرء ينفعه فيه تأكيد لامتثال الأمر فى قوله: اعلم. زاد المصنف فى الإيضاح: أنه قد يكون لتخصيص أحد مذكورين بزيادة التأكيد فى أمر علق بهما، نحو: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ (?) أو للاستعطاف، كقول المتنبى:
وخفوق قلب لو رأيت لهيبه … يا جنتى، لرأيت فيه جهنما (?)
أو التنبيه على سبب أمر غريب، كقول الشاعر:
فلا هجره يبدو وفى اليأس راحة … ولا وصله يبدو لنا فنكارمه
فإن قوله: فلا هجره يبدو يشعر بطلب هجر الحبيب، وهو مستغرب حتى ذكر سببه، وهو أن اليأس راحة فهى المطلوبة، لا أن الهجر نفسه مقصود، وفيه نظر. قد يقال: إن هذا من قسم التكميل؛ لأن فيه دفع إيهام أن يكون الهجر لنفسه مقصودا، ثم قال المصنف:
ومما جاء بين كلامين، وهو أكثر من جملة أيضا، قوله تعالى: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فإن قوله تعالى:
نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ متصل بقوله: فَأْتُوهُنَّ لأنه بيان له.
(قلت): وفى قول المصنف: أن فيه اعتراض أكثر من جملة نظر؛ لأن المراد بقولنا أكثر من جملة: أن لا تكون إحداهما معمولة للأخرى، وإلا فهما فى حكم جملة واحدة.
وقوله تعالى: يُحِبُّ التَّوَّابِينَ خبر إن (?)، فلا يكون مع ما قبله جملتين معترضتين، وكذلك قوله تعالى: يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ معطوف على الخبر، وفيما ذكره المصنف شبه من قول الزمخشرى فى قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (?) إن فى هذه الآية الكريمة سبع جمل معترضة: