تُرى ماذا فعل؟! لقد ذهب إلى الكنيسة وقابل الرجل الأول فيها، القسيس الأوروبي الكبير عندهم، وأخبره بقراره، فظن أنه يمزح، أو أنه هكذا أراد أن يقنع نفسه، لكنه أكّد له أنه جادٌّ في رغبته هذه، فجُنَّ جنون الرجل وأخذ يزبد ويرعد ويهدد، ثم لما هدأ، أخذ يذكّره بما كان عليه وما صار إليه، وما فيه الآن من نعمة ويسر، وحاول إغراءه بالمال وأنه سيزيد راتبه ويعطيه منحة حالا، ويزيد من المنحة السنوية، ويزيد من صلاحياته، و ... و ... و ... لكن دون جدوى، فجذوة الإيمان قد تغلغلت في شغاف القلب واستقرت في سويداء الضمير، هنا قال له: إذن تُرجِع لنا كل ما أعطيناك وتتجرد من كل ما تملك.
قال: أما ما فات فليس لي سبيل إلى إرجاعه، وأما ما لدي الآن فخذوه كله، وكان تحت يديه أربع سيارات لخدمته، وفيلا كبيرة وغيرها، فوقّع تنازلاً عن كل ما يملك.
اغتاظ القسيس الكبير وجرّده حتى من ملابسه وطرده من الكنيسة شر طردة، وظن أنه سيكابد الفقر يومين ثم يعود مستسمحاً.
خرج من الكنيسة، وهو لا يلبس سوى ما يستر عورته، ولا يملك سوى هذا الدين العظيم الإسلام، وشعر حينئذٍ أنه أسعد