(الشفاعة المثبتة والشفاعة المنفية)

وأما الفرق بين الشفاعة المثبتة والشفاعة المنفية، فهي مسألة عظيمة، ومن لم يعرفها لم يعرف حقيقة التوحيد والشرك. والشيخ - رحمه الله-1 عقد لها بابا في كتاب التوحيد فقال: باب الشفاعة) ، وقول الله – تعالى-: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ} 2، ثم ساق الآيات، وعقبه بكلام الشيخ تقي الدين. فأنت راجع الباب، وأمعن النظر فيه يتبين لك حقيقة الشفاعة، والفرق بين ما أثبته القرآن، وما نفاه. وإذا تأمل الإنسان القرآن، وجد فيه آيات كثيرة في نفي الشفاعة، وآيات كثيرة في إثباتها. فالآيات التي فيها نفي الشفاعة مثل قوله – تعالى-: {لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ} 3، ومثل قوله – تعالى-: {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ} 4، وقوله: {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ} 5، وقوله: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} 6، إلى غير ذلك من الآيات.

وأما الشفاعة التي أثبتها القرآن؛ فمثل قوله – تعالى-: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} 7، وقوله: {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} 8 وقوله: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى} 9، وقوله: {يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} 10، إلى غير ذلك من الآيات.

فالشفاعة التي نفاها القرآن هي التي يطلبها المشركون من غير الله، فيأتون إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى قبر من يظنونه من الأولياء والصالحين، فيستغيث به، ويتشفع به إلى الله لظنه أنه إذا فعل ذلك شفع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015