وإدخاله على العامة والجهاد، وقد قال رسول الله (ص): "لا تجعلوني كقدح الراكب، فإن الراكب يملأ قدحه، فإن احتاج إلى وضوء توضأ أو إلى شراب شرب، وإلا أراقه، ولكن اجعلوني في أول صلاتكم ووسطها وآخرها" (?) الحديث، وهذا الذي نهى عنه هو حالكم، إذ تأبون أن يكون لكم منها ورد وتمنعون من ذلك من أتاكم، وتشددون عليه فيه غاية الشديد، بل ربما كان محبا لكم فتطرحونه لتمسكه بذلك، وهذا شيء في غاية القبح، وأقل ما في بابه الكراهة المثقلة، وهو أمر لا خفاء به عند كل ذي فطرة إيمانية.
فأما تلاوة القرآن على الوجه الذي تعتمدونه فلا أصل له في سلف ولا سنة، وإنما هو أمر مركب على الخاصية، موقوف على الاختيارات النفسية، وقد سمع رسول الله (ص) بلالا يقرأ من مواضع متفرقة فقال: "ما هذا يا بلال؟ "، قال: يا رسول الله أنتقي طيبه، قال: "اقرأه متصلا فإن كلام ربنا كله طيب" (?) وقال (ص): "مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعلقة، إن تعاهدها وجدها، وإن تركها تفصمت واحدة واحدة حتى لا تبقى منها واحدة" (?) قد أخبرت عن بعضهم أنهم يقرأون القرآن بالنهار ويتجنبونه بالليل، وهو عكس السنة والكتاب، إذ أثنى الله تعالى على قرآن الفجر، وجاء في الخبر الحض على القيام به بالليل والعمل فيه بالنهار، ومن لم يقم به بالليل ويعمل به في النهار فقد ضيعه، وقيل في قوله تعالى: {كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} (?) إنها في الرجل يحفظ القرآن ثم ينساه، وفي الخبر: "عرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم