18 - فصل في ذم فتاوى الفقهاء في هذه الطائفة

18 - فصل

في ذم فتاوى الفقهاء في هذه الطائفة، وذلك أنهم افترقوا على ثلاثة مذاهب، فكان شيخنا أبو عبد الله محمد بن قاسم القوري (?) رحمه الله تعالى، يجنح إلى وجود التسليم، ويرى أن ما هم عليه ليس من البدع المحرمة ولا القادحة في الأصول، فيتوقف عن الجواب بنفي أو إثبات، فلقد أخبرني أنه بلغه في شأنهم خمس وثلاثون سؤالا لم يجب في واحد منها، قال: لأنهم في بلاد القبائل وهم محل التعصب، فإن أجبت بمساعدتهم تعصب لهم المحب، وإن أجبت بخلاف ذلك تعصب عليهم المبغض، ويكون ذلك فتحا لباب الفتنة بين القبائل إلى الأبد، وهذا شيء لا ألقى الله به، قلت: فلو كان عنده أنهم على صريح الضلال ما توقف مثل هذا التوقف، والله أعلم بهم، وعلى هذا يحمل سكوت جماعة الإفريقيين من أهل العلم والديانة منهم، مع اشتهار أمرهم، حتى إن بعضهم استفتي في ذلك فأثنى على شيخهم، وقال: إنه كان شافعي المذهب، وأنكر على من أنكر الممل بمذهب الشافعي، وهو مصيب في إنكاره، غير مصيب في نسبته لمذهب الشافعي إن قصد طريقته، لأنها لا تتقيد بمذهب، إلا أن يريد أصل مذهبه فلا بأس، والله أعلم، وكان الشيخ العالم المسلم الصدر كبير وقته سيدي أبو عبد الله محمد ابن مرزوق التلمساني (?) (ض)، من أشد الناس إنكارا عليهم في الأصل والفرع، وكذلك سيدي أبو القاسم العبدوسي (?) رحمه الله، فكانوا يصرحون في الشيخ بأمور كالرافضية والسحر وغير ذلك، ويرون أن من عصى الله بالزنا وشرب الخمر أيسر أمرا ممن اتبع طريقهم، وتبعهما على ذلك جماعة من بعدهم، حتى لقد بالغ في ذلك بعض الفاسيين بأن قال: تهدم ديارهم وتفرق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015