والاستقامة في حضور المجالس بثلاثة أمور:
أحدها: أن يكون التحصيل أهم إليه من التوصيل.
الثاني: أن تكون السلامة أحب إليه من الرئاسة.
الثالث: أن يلزم الأدب في حق نفسه وحق رفقائه بوجه تام، وذلك يقضي له بالصمت والإنصاف وعدم التظاهر والانحراف، وأين من هذا وصفه، رزقنا الله العافية بمنه.
فأما أصحاب المجالس فمن كان الصمت أهم عليه من الكلام، فقد نجا، ومن كان الكلام أهم عليه من الصمت فقد هلك، وإذا كانت همة العالم في اتباع السنة ووجود الإنصاف في الإفادة نفع وانتفع، وإلا على العكس، وقد تكلم ابن الحاج على مجالس العلم يأتم الكلام، وذكر أمورا لا أستحضرها الآن، والحق أبلج والباطل لجلج.
ومن آفات بعض العوام والمستمعين، أنهم إذا فرغوا من المجلس جلسوا لمذاكرة ما سمعوا، ثم ختموه بالغيبة وذكر عيوب الناس وأحوال الملوك ووقائع الأراجيف، وكذا كثير من الطلبة، ومن هناك قال من قال: إن الغيبة هي فاكهة القراء، فليكن الأهم على المجالس لهم التحرز من أعقاب المجالس، وبالله التوفيق.
...
107 - فصل
في أمور عمت البلوى بها في بعض البلاد
منها الموالات في إعطاء الزكاة لمن يمدح أو يذم، فيكتسب بها جاها، أو يدفع معرة أو مضرة، وذلك قبيح مذموم، ومنها الاعتماد في الصوم على أمور من الرخص أو التشديدات المخلة أو المملة، كصيام الدهر، أو الإفطار بعد عقده، وذلك مشهور الأمر في كتب الأئمة.