وقوم فصلوا فيه، وقوم توقفوا، وقوم جعلوه في حيز المهملات.
ومذهب السلف وجمهور أصحاب أهل المذاهب على تجنبه، فقد اتفق مالك والشافعي وأحمد وأبو حنيفة وسفيان الثوري في جماعة من العلماء على تحريم الكلام في علم الكلام، ولم يتكلم السلف (ض) في الاسم والمسمى، ولا في التلاوة والمتلو، ولا في الصفة والموصوف، ولا في مشكلات الآيات والأحاديث، إلا من حيث إخراجها عن ظاهرها المحال فقط، بل ضرب عمر (ض) صبيغا لما كان يتتبع مشكل الأحاديث والقرآن ويسأل عنه.
وقال جماعة من السلف، بل جملتهم: بكراهة رواية الأحاديث المشكلة، وممن روى عنه ذلك مالك (ض)، وعاب الشيوخ على الشيخ أبي بكر بن فُورَك كلامه في الأحاديث المشكلة التي لم تصح، والاشتغال بتأويلها، وقالوا: كان يكفيه تضعيف أصلها، ولا ينبغي أن يتكلم منها إلا على ما صح، لوجود الاضطرار إليه، وله نية صالحة فيه، فجزاه الله وجزاهم خيرا.
وقال الشافعي رحمه الله: إذا سمعت الرجل يقول: الاسم هو المسمى أو غيره، فاشهد أنه من أهل الكلام ولا دين له، وقال الإمام أحمد بن حنبل (ض): لا يفلح صاحب علم الكلام أبدا، ولا يرى أحد ينظر في علم الكلام إلا وفي قلبه مرض، وقال أيضا: علماء الكلام زنادقة، وقال أبو يوسف (?): من طلب العلم بالكلام تزندق.
وقال الشافعي رحمه الله: قد اطلعت في علم الكلام على شيء ما ظننته قط، ولأن يبتلى العبد بكل شيء نهى الله عنه عدا الشرك، خير له من أن ينظر في الكلام.