والتحقيق، ويتكلم في الأحوال والمنامات والمنازلات وعلم الخواص ونحوها مع العوام، ويزعم أنه بذلك مشوق لهم ومذكر، وما هو إلا مضر بهم ومهلك لهم، حمله عليه الجهل بحكمة الله في خلقه، فقد قال عيسى (س) لأصحابه: ت (بحق أقول لكم يا معشر الحواريين، لا تعلقوا الدر في أعناق الخنازير) (?) وفي الخبر: ((لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم)) (?) وفي معناه أنشدوا:
ومن منح الجهال علما أضاعه ... ومن منع المستوجبين فقد ظلم
وقد اختلف علماء الصوفية في بذل علومهم لغير أهلها، فقال بعضهم: لا تبذل إلا لأهلها، وقال بعضهم: تبذل لأهلها ولغير أهلها، والعلم أحمى جانبا من أن يصل إليه غير أهله.
قيل للجنيد: كم تنادي على الله بين يدي العامة؟ قال: لكني أنادي على العامة بين يدي الله.
وقيل للنوري (?): ألا تذكر أصحابك؟ قال: إنهم في حجاب القطيعة، والحق أن ما كان من حيز المعاملات يبذل لكل أحد لأنه حق الله على عباده وجوبا أو ندبا، وما كان من حيز الحقائق فيعتبر فيه الوجه، فقد قال