يرى المؤلف أن التصدي للسماع وتعاطيه اختيارا، بحيث يجلس الإنسان إليه ويستجلب به الحال، من الضلال والبطالة، وأنه من شبه الدين التي يتعين على من استبرأ لدينه وعرضه التبرؤ منها، ويقول: هو من حيث صورته يشبه الباطل فيتعين تركه، ولا يقتدى بشيخ يقول بالسماع، وعقد المؤلف فصولا مطولة في آخر الكتاب أغلظ فيها القول على متعاطيه، ونقل أقوال الأئمة الذين حذروا منه، ومن ذلك قول أبي الحسن الشاذلي حين سأل أستاذه عنه، فأجابه بقوله تعالى: {إنهم ألفوا آباءهم ضالين * فهم على آثارهم يهرعون} (?) وقول صاحب (الأمر المحكم): إن السماع في هذا الزمان لا يقول به مسلم، وقول أبي العباس المرضي: من كان من فقراء هذا الزمان مؤثرا لهواه، آكلا لما حرمه مولاه، ففيه نزغة يهودية، لأنه يذكر العشق وليس بعاشق، والمحبة وما هو بمحب، والوجد وما هو بمتواجد، فالقوال يقول الكذب، والمستمع سماع له، ومن أكل من الفقراء طعام الظلمة حين يدعى إلى السماع، فهو يصدق عليه قوله تعالى: {سماعون للكذب أكالون للسحت} (?) قال: وعبر بعض الصحابة على اليهود، فسمعوهم يقرؤون التوراة، فتخشعوا، فلما دخلوا على رسول الله (ص) قرأ عليهم: {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} (?) فعوتبوا إذ تخشعوا من التوراة، وهي كلام الله، فما ظنك بهذا، أعرض عن كتاب الله، وتخشع من الملاهي والغناء.
وبين المؤلف أن من قال بالسماع فمراده من غلب عليه من غير اختيار، ومع ذلك فهو مقام تدني ونزول في حق العارف، فهو لا يشرف بالسماع، بل يشرف به السماع كما يقول (?) ويقول: لا ينبغي الاقتداء بالشيخ