والاجتناب لجميع مناهي الشرع التي يتعرض لها بسبب ذلك، وإن كان في عمل من أعمال البر كتعليم القرآن أو غيره فليحتسب مع ذلك ثوابه، وليترفق في تعليمه ما أمكنه، ولا يجفو على متعلم ولا يظلمه، وليراقب ربه في ذلك، وكذلك إن سمع بمثل هذه النصيحة أو رآها مكتوبة فليشكر ربه على ذلك وليفرح بها، وكم من شخص مصحوب بالغفلة والسهو، أو مستنصح لا يجد ناصحا، وليستعمل حينئذ حسن الأدب في أمثالها والوقوف على حدودها وبذلها لأهلها.
وملاك ذلك كله صدق الافقار إلى الله تعالى والضراعة إليه في أن يوفقه لذلك ويعينه عليه، فمن أعطي ذلك فليفرح به وليشكر الله تعالى عليه، وكم من شخص مبتلى برؤية نفسه واعتماده على عقله وحدسه، وليستعمل حينئذ حسن الأدب في اتهام نفسه في تصحيح الافتقار والضراعة اللذين ذكرناهما، فهذا الذي ذكرناه من أوله إلى آخره داخل في معنى ما ورد به الخبر الصحيح من قوله (ص): ((انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم)) (?) وبالله التوفيق، انتهى من (الرسائل الصغرى).
وقال في (الرسائل الكبرى): فانظر هذا الطريق ما أسهله وأحسنه وأقربه وأجله وأكمله، وكلاما هذا معناه، ثم قال بعد ذلك: إنما هذا لمن أهل له، وقال في موضع آخر منها: هو طريق الأحرار لا تقبله إلا نفوسهم ولا تسلك به إلا حقائقهم، وقال في موضع آخر: إنه الصراط المستقيم، استنباطا من قوله تعالى: {لأقعدن لهم صراطك المستقيم} (?) ثم قال: {ولا تجد أكثرهم شاكرين} (?) وقال: إنه أعلى الطرق وأسهلها، فانظر كلامه رحمة الله عليه، وبالله التوفيق.
وأما طريق الحرمة فهو بحفظ الأدب مع المشايخ والإخوان وحفظ