أصل التصوف عنده ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، وتعظيم حرمات الشرع، ورؤية العذر للخلائق، والمداومة على الأوراد، وترك الرخص والتأويلات، وذكر أن هذه هي الأصول، ومن ضيعها حرم الوصول، وقال: أكثر متصوفة الزمان على ذلك الحرمان إلا من عصم ربك، ولذا فهو يردد قولة الجنيد في أكثر من موضع في كتابه: "علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة، فمن لم يسمع الحديث ويجالس الفقهاء، ويأخذ أدبه عن المتأدبين أفسد من اتبعه"، لذا فلا يلتفت لما ذكره السخاوي في الضوء اللامع عن المؤلف بصيغة التمريض من قوله: "والغالب عليه ... الميل فيما يقال إلى ابن عربي ونحوه" (?) فقد حذر المؤلف نفسه في كتابه (مختصر النصيحة الكافية) من سلوك منهج ابن عربي وأحزابه في التصوف، وفيما يلي نص كلامه:
"ومن ذلك ما وقع لبعض الصوفية من قولهم: أنا هو، وهو أنا مما يوهم الاتحاد والحلول وهذا لا يجوز لأحد أن يتبعهم فيه، ولا يجوز لأحد أن يسلمه لقائله حال سماعه، وإن ساغ له تأويله بعد وقوعه وانقراضه بما يوافق الحق مع إقامة رسم الشرع فيه، وإن صح له اعتقاد قائله مسلما ونحوه، فقد قتل الحلاج بإجماع أهل زمانه إلا أبا العباس بن سريج فإنه قال: لا أدري ما أقول، وأخرج بسببه جماعة من بلدانهم، ولم يكن قادحا فيهم ولا في مخرجهم، وقد وقع كثير من هذا النوع لابن الفارض وابن عربي والششتري وابن سبعين مع إمامتهم في العلم وظهورهم في الديانة، فليتق المؤمن ذلك كله، مشفقا على دينه، فارا من موارد الغلط، راجعا لأصول الاعتقاد، وقائما مع الحق بالكلام في القول لا في القائل، وقائلا في مثل ذلك عن أولئك القوم: ما كان من كلامهم موافقا للكتاب والسنة فإني أعتقده، وما لا، فأنا أكل علمه إلى أربابه، منزها قلبي عن اعتقاد ظاهره وإياهم كذلك، وقد نص على ذلك ولي الدين العراقي في أجوبة المكيين" (?).