منه، لا سيما في كتابه (التنوير في إسقاط التدبير)، فإن فيه ما في كتب الصوفية المطولة والمختصرة، مع زيادة البيان واختصار الألفاظ، والمسلك الذي سلك فيه مسلك توحيد لا يمكن لأحد إنكاره ولا الطعن فيه، ولا يدعى للمتصف به صفة حميدة إلا أكسبه إياها، ولا صفة ذميمة إلا أزالها عنه وطهره منها، كذا قال سيدي أبو عبد الله محمد بن عباد رحمه الله في رسائله، وصدق (ض)، وقال في (التنبيه) (?): تحصيله متعين على كل مريد نجيب، وقال (?) في (فصول السلمي (?) في عيوب النفس): صغير الجرم عظيم الفائدة والعلم أو كلاما هذا معناه، وأثنى على نصائح المحاسبي ثناء عظيما، ثم قال: وقد كان أوحد زمانه علما وعبادة، ونخبة أوانه ورعا وزهاده، سيدي الحاج أبو العباس أحمد بن عاشر رحمة الله عليه ورضوانه، يكثر من التحريض على مطالعة ذلك الكتاب، والعمل بما تضمنه من حق وصواب، قال: وأظنني سمعته ذات يوم يقول: لا يعمل بما فيه إلا ولي، أو كلاما هذا معناه، فليتخذ المريد مطالعته وردا، وليحرص على العمل بما تضمنه مستعينا بالله تعالى، وسائلا منه توفيقا ورشدا، لينصح لمولاه في مراعاة إصلاح باطنه، والقيام على قدم الصدق في مواطنه، وليجعل هجيراه مطالعة كتب التصوف، وموالاة أهله بالتألف والتعرف، فبذلك تتقوى أنوار إيمانه ويقينه، وتنتفى عنه العزة في العمل بوظائف دينه، ولا يقدم على ذلك إلا فرض العين وما يستجم به نفسه من التعب والأين، ولا يشغل نفسه بعلم يغير في وجه مقصوده، ويوجب له انتكاث مواثقه وعهوده، وهو ما أكب الناس عليه اليوم، وحادوا به عن سنن القوم، حتى تطرق لهم بذلك من رذائل الصفات، وعظائم الآفات، ما أصارهم إلى الهلاك والشقاء، وأعقبهم النفاق في قلوبهم إلى يوم اللقاء، وسجل عليهم بالكذب في دعواهم أنهم قاصدون بذلك رضى مولاهم، فإياك وإياهم.