الاستقامة، التي هي طريق السنة والجماعة في باب التحلي والتخلي، ويعرفه أنه في ذلك معه على لسان العلم في ذلك كله، لا على لسان التربية، وعلى طريق الأخوة لا على وجه المشيحة، ليبرأ من عهدة الدعوى، وتنتفي عنه العزة، ويتوسع صاحبه في الأدب، ويتأدب مع من يلقى بأكثر من غيره، وهو في ذلك كله يعتقد أنه متطيب لا طبيب، ومتشيخ لا شيخ، ومتعلم لا معلم، ومعين لا مفيد، وهذه صورة المشيخة، وقد تسمى به من حيث اصطلاح الوقت والحال فلا تضر، لأنها كما قال سيدي محمد بن عباد (?) في هذا المعنى وأجاد:
مريدك والزمان وأنت شيخ ... قريب من قريب في قريب
رزقنا الله القيام بحقوق الإخوان، وعافانا من كل جرم وهذيان، بمنه وكرمه.
...
52 - فصل
في بيان طريق الجادة وما احتوت عليه من فائدة ومادة
وطريق الجادة هو الذي لا ينكره ظاهر، ولا يستغني عنه باطن، يفتقر إليه المبتدئ في بدايته، ولا بد للمنتهي منه في نهايته، ومداره على أربعة أمور:
أولها: تصحيح التوبة بإقامة شروطها الثلاثة، التي هي الندم على ما فات، والإقلاع في الحال، والنية أن لا يعود، وتحصيل فرائضها الأربع، التي هي رد المظالم، وقضاء الفوائت، واجتناب المحارم، وتعميم القصد.
وكمالاتها الست التي هي: مصاحبة العلم، وملازمة العمل، وصدق التوجه، ودوام اللجا، واتهام النفس، وشدة الحذر.