يباح بوجه ما، وذلك مما يحسن فيه التأويل على فاعله المعتقد بأن يكون إنما فعله لوجهه المباح، كأخذ مال من شخص، لاحتمال استحقاقه، وضربه لاحتمال وجوبه عليه، وقتله لاحتمال تعلقه عليه، هذا كله مع إقامة الحق الشرعي علميه، فلا يريبنك (?) الحق عن الاعتقاد ولا بالعكس، لأن كلا منهما حق، وأصل ما ذكرنا في ذلك مأخوذ من قصة الخضر وموسى عليهما السلام (?) وقد نبه عليه ابن عباد في رسالته الكبرى، فانظره.
الخامسة: طائفة وقفت مع الصور دون الحقائق، فاعتقدوا أصحاب النواميس وكثرة الأعمال، وأصحاب الأحوال المستغربة من الأقوال المزخرفة، والأعمال المحرفة، التي بعضها ضلال، وبعضها محال، لكنهم قد يقعون على بعض من وافق ظاهره باطنه، وقليل ما هم، لا سيما في هذه الأزمنة التي غلب فيها إفراد الوجه (?) فلا تكاد تجد صاحب ظاهر إلا خلا عن الباطن، ولا صاحب باطن إلا ناقصا في الظاهر، فإنه لا يلزم من العلم العمل، ولا من الحال بلوغ الأمل، وقل أن تظهر حالة على صادق في نهايته، بل في بدايته لغلبتها عليه، فلذلك تجد غالب الناس يعتقد المريدين والمبتدئين دون المشايخ، ولو كان العلم ضامنا للعمل ما ضل إبليس بعد علمه بالصراط المستقيم الذي هو الشكر، حتى قعد عليه، فقال:
{ولا تجد أكثرهم شاكرين} (?) بعد قوله: {لأقعدن لهم صراطك المستقيم} (?) وفي قصة بلعام وبرصيص وغيرهما (?) ما ينبه على ذلك، بل يصرح به،