سلامة الصدر، وطلاقة الوجه، واستعمال المعروف بغاية الجهد، كما ورد معناه في الأخبار، فاعرف ذلك.
ثم المنكر بحق كالمصدق بحق، لأن كلا منهما مستند لحق، هو ما أداه إليه اجتهاده الذي لا يجوز له تعديه، فلذلك قال الشيخ أبو العباس الحضرمي (ض) بعد كلام ذكره في الحقائق: والجاحد لمن يوحى إليه شيء من هذا الكلام وما يفهمه هو معذور، مسلم له حاله، من باب الضعف والتفصير والسلامة، وهو مؤمن إيمان الخائفين، ومن يفهم شيئا من ذلك فهو لقوة إيمان معه، واتساع دائرة، ومشهده مشهد واسع، سواء كان معه نور أو ظلمة، بحسب ما في الودائع الموضوعة، على أي نوع كان، انتهى.
قالوا: وما مثال الفقيه إلا كبواب الملك، والصوفي المحقق صاحب سره، فإذا حدث الصوفي عن خبايا بيت الملك، نادى عليه الفقيه إنما أنت سارق أو كذاب أو متجاسر، فإن أتى بأمارة من الملك، وإلا فحجة البواب عليه قائمة، وإنكاره صحيح، فمن ثم صح إنكار الفقيه على الصوفي، ولم يصح إنكار الصوفي عليه، فاعرف ذلك، ثم لا أعظم جهلا ممن يجعل سر الحق سبحانه موقوفا على زمان أو عين أو جهة، فتثبت الخصوصية في الجملة وينكرها في الأعيان، أو يثبتها للماضين وينكرها في الزمان، أو يثبتها في الزمان وينفيها في الأشخاص، قياما مع وجود وهمه الذي سد عليه باب فهمه، وهذا الأخير هو الغالب على الناس في هذه الأزمنة، لبعدهم عن الأفهام، وتعلقهم بالأوهام، فافهم.
ثم أعظم منه جهلا من يغتر بكل من يراه، ويتبع كل معتقد ويعتمده في دينه قبل اختبار مرتبته من الدين، أو يطرح اعتقاده بما يظهر له من موانع الاقتداء، فإن لكل شيء وجها، وقد قال رسول الله (ص): "في كل واد من قلب ابن آدم شعبة فمن تتبع قلبه تلك الشعاب لم يبال الله في أي واد أهلكه" (?)