هذا العلم مع متكبر، ولا صاحب بدعة، ولا مقلد، أما الكبر فطابع يمنع من فهم الآيات والعبر، وأما البدعة فتوقع في البلايا الكبر، وأما التقليد فقال: يمنع من بلوغ الوطر، ونيل الظفر، قال: ولا تجعلوا لأهل الظاهر حجة على الباطن، قلت: بل يحرصون بأن يجعلوا أهل الظاهر حجة لهم، لأن الباطن لا بد له من نسبة في الظاهر بالعكس، فلذلك قال بن العريف: كل باطن باطل، وجيده من الحقيقة عاطل (?)، انتهى وهو عجيب، فاعرف حقه، وبالله التوفيق.
وأما شيخ التربية فيحتاج فيه إلى ثلاثة أمور:
أحدها: معرفة النفوس وأحوالها الظاهرة والباطنة، وما يكتسب به كمالها ونقصها، وأسباب دوام ذلك وزواله على وجه من العلم والتجربة لا ينتقص ولا يختل في أصله، وغالب فرعه.
الثاني: معرفة الوجود وتقلباته، وحكم الشرع والعادة فيما يجريان فيه نصا وتجربة، ومشاهدة وتحقيقا، وذوقا للأجسام الكثيفة، والأرواح اللطيفة، حتى يعامل كلا بما يليق به.
الثالث: معرفة التصرف بذلك وتصريفه، بأن يضع كل شيء في محله على قدره ووجهه، من غير هوى ولا ميل لحظ، ولا يتم له ذلك إلا بورع صادق في تصرفه، ينتجه عدم رضاه عن نفسه، وزهد كامل نشأ عن حقيقة إيمانية تهديه لترك ما سوى الحق سبحانه، وتأدب كامل بمن صح أدبه، وقد قال أبو علي الثقفي (?) (ض): فلو أن رجلا جمع العلوم، وصحب طوائف الناس، فلا يقتدى به حتى يأخذ أدبه عن شيخ أو إمام.