والتقاطع، فلو قيل بوجوبه لم يكن بعيدا، فجعله من محل الضرورة لدفع المفسدة، وقد أشبع فيه ابن الحاج في مدخله، ثم هو بكل حال قبيح، وأقبح منه جعله من الدين، أعاذنا الله من البدعة والفتة بمنه وكرمه.
وكقراءة الفاتحة وسورة قريش بعد الطعام، وهو أمر لا نص فيه، فالتزام أهل الدين له يقتضي أن يكون منه، فيكون بدعة، وإلا فهو ذكر مذكر بالشكر والنعمة لا نص في نفيه، فقد يكون من حيز ما هو عفو، فيتعين بيانه بالترك مرة، والتنصيص أخرى، وكإدخال العروس بيته بالذكر، وهو تبديل لما ورد فيه من العادات المشعرة بها كالدف والغربال، والوليمة والدخان والغناء المباح لذلك، المعروف من الشريعة فيه، ولو كان محلا للذكر ما أغفله الشارع ولا أهمله السلف، ولن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما أتى يه أولها، وكذلك الذكر مع الجنازة، والله أعلم.
وكذلك ذكرهم عند باب الشيخ إلى خروجه، أو وقوفهم به إلى قضاء حاجته من بيته، وقراءة بعضهم الفاتحة قبل الصلاة، وعدم الغسل بعد الطعام وقبله، وإن كان فيما قبله اختلاف، وقد صح "الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللمم" (?) فأما إهمال المريض حتى يصح افتقاره فمن قلة الرحمة، وهو لا يعمل به إلا طائفة منهم، فلا حديث عليه، وبالله التوفيق.
القسم الثالث: في أمور اصطلحوا عليها، وجرت بينهم مجرى العرف والعادة، منها ما هو في الأكل، ومنها ما هو في اللباس، ومنها ما هو في المحاوراة، ومنها ما هو في التصرفات، فتحتاج لعقد فصل مستقل، وبالله سبحانه التوفيق.