37 - فصل
في تفويتهم العشاء إلى ما بعد صلاة العشاء في غير رمضان، وإن كان أحدهم صائما، وهو أمر مخالف للسنة من حيث الصوم، إذ ليت سنة لتعجيل خاصة برمضان، وقد أحدثوا بذلك معادات فضيلة الصوم، وربما غرهم فيه قول الإمام أبي حامد: إحياء ما بين العشاءين أفضل من صيام يفوته إفطاره، وهو على سبيل المبالغة والفرض، وإلا فالصوم محقق الفضيلة لصحة أحاديث الترغيب فيه، لا سيما في الأيام الفاضلة، كالإثنين والخميس وثلاثة في الشهر، وإحياء ما بين العشاءين حديثه فيه ما فيه (?) ثم إحياؤه لمطلوب بالصلاة ونحوها، لا على ما وصفوه هم، وقد يكون إيثار الفضل ما يقع فيه من أنواع العبادات، والله أعلم. ثم في تأخيرهم لما ذكر وجوه قبيحة:
أحدها: ما فيه من شغل البال عند جوعه وجوع من يلتزم به، هذا الشارع صلوات الله وسلامه عليه يقول: "إذا حضر العشاء والعشاء فابدؤوا بالعشاء" (?) وقال (ص): "لا صلاة بحضرة طعام" (?)، ووقع في الدارقطني (?): "إذا حضر المغرب وأحدكم صائم فليبدأ بالطعام" (?)، فهذه بدعة بإثبات حكم خلاف حكم الشارع فيها، وهو تخصيص الأمر العام بمجرد النظر، والله أعلم.
الثاني: إن تأخير العشاء إلى قريب من النوم مضر بالمعدة، لعدم نزول الطعام عن فمها، ولا كمال مع فساد الطبيعة، فلا يجوز لأحد أن يدخل الضرر على نفسه وإن كان راضيا به مع إمكانه صرفه.