الخامس: تقليد مشايخهم من غير دليل واضح، ولا برهان لائح، ولا علامة فيهم، إلا ما يرونه من اتبع الدنيا، وكثرة الاتباع، وصورة ما هم عليه مما هو مخالفا لفوائد الخلق، وهذا من باب معرفة الحق بالرجال، ومن عرف الحق بالرجال أصبح في غاية الضلال، اعرف الحق تعرف أهله، وأهل الحق هم الذين أنصفوا الخلق في مراتبهم، وجعلوا الأفضلية حيث جعلها الله تعالى من كمال التقى، إذ قال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} (?) وقال جل وعلا: {فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى} (?) وقال (ص): "التقوى هاهنا"، وأشار إلى صدره (?)، وقال (ص) في أبي بكر: "لم يفتكم بكثرة صلاة ولا صيام، إنما فاتكم بشيء وقر في صدره" (?) فحقائق ما يقع به التفضيل مغيبة عنا إلا من حيث الدلالة، وهي غير قطعية، فلا وجه للقطع، وإنما هو الظن، وجملة الطرق غير منحصرة حتى يتميز الأفضل والفاضل، ومن ادعى ذلك فهو شغول بباطل، هذا مع أنا لا نمنع الأرجحية في النفس، لأنها التي توجب الإيثار، وعليها مبنى الاقتداء والاتباع، إذ لا سبيل في ذلك سواه، فافهم، ونستعظم ما يذكر عنهم من بعض من طعن عليهم، وسبه واستباحة عرضه وماله، وربما انتهى بعضهم لاستباحة دمه، وهو يكاد أن يكون كفرا، نسأل الله العافية بمنه وكرمه.
...