عليهم وهو تعليم منه للأمة الرحمة والشفقة واللطف بالصغار
فصل وانما كان الصبر على السراء شديدا لأنه مقرون بالقدرة والجائع عند غيبة الطعام أقدر منه على الصبر عند حضوره وكذلك الشبق عند غيبة المرأة أصبر منه عند حضورها. فصل وأما النوع الثانى المخالف للهوى فلا يخلو اما أن يرتبط باختيار العبد كالطاعات والمعاصى أو لا ترتبط أوله باختياره كالمصائب أو يرتبط أوله باختياره ولكن لا اختيار له في ازالته بعد الدخول فيه فهاهنا ثلاثة أقسام: أحدها ما يرتبط باختياره وهو جميع أفعاله التى توصف بكونها طاعة أو معصية فأما الطاعة فالعبد محتاج إلى الصبر عليها لأن النفس بطبعها تنفر عن كثير من العبودية أما في الصلاة فلما في طبعها من الكسل وايثار الراحة ولا سيما إذا اتفق مع ذلك قسوة القلب ورين الذنب والميل إلى الشهوات ومخالطة أهل الغفلة فلا يكاد العبد مع هذه الأمور وغيرها أن يفعلها وان فعلها مع ذلك كان متكلفا غائب القلب ذاهلا عنها طالبا لفراقها كالجالس إلى الجيفة
وأما الزكاة فلما في طبعها اى النفس من الشح والبخل وكذلك الحج والجهاد للأمرين جميعا ويحتاج العبد ها هنا إلى الصبر في ثلاثة أحوال أحدها قبل الشروع فيها بتصحيح النية والاخلاص وتجنب دواعى الرياء والسمعة وعقد العزم على توفية المأمورية حقها
الحالة الثانية الصبر حال العمل فيلازم العبد الصبر عن دواعى التقصير فيه والتفريط ويلازم الصبر على استصحاب ذكر النية وعلى حضور القلب بين يدى المعبود وأن لا ينساه في أمره فليس الشأن في فعل المأمور بل الشأن كل الشأن أن لا ينسى الا مرحال الإتيان بأمره بل يكون مستصحبا لذكره في أمره فهذه عبادة العبيد المخلصين لله فهو يحتاج إلى الصبر على توفية العبادة حقها بالقيام بأدائها وأركانها وواجباتها وسننها وإلى