يعذب به ويناله بسببه غاية الألم بل اذا تزود ما ينفعه وترك ما هو أنفع منه له كان ذلك حسرة عليه وغبنا.
السادس عشر: تعرضه إلى من القلوب بين أصبعيه وأزمة الأمور بيديه وانتهاء كل شيء اليه على الدوام فلعله أن يصادف أوقات النفحات كما في الأثر المعروف: "ان لله في أيام دهره نفحات فتعرضوا لنفحاته واسألوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم" ولعله في كثرة تعرضه أن يصادف ساعة من الساعات التى لا يسأل الله فيها شيئا الا أعطاه فمن أعطى منشور الدعاء أعطى الاجابة فإنه لو لم يرد اجابته لما ألهمه الدعاء كما قيل:
لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه ... من جود كفك ما عودتنى الطلبا
ولا يستوحش من ظاهر الحال فإن الله سبحانه يعامل عبده معاملة من ليس كمثله شيء في أفعاله كما ليس كمثله شيء في صفاته فإنه ما حرمه الا ليعطيه ولا أمرضه الا ليشفيه ولا أفقره الا ليغنيه ولا أماته الا ليحييه وما أخرج أبويه من الجنة الا ليعيدهما اليها على أكمل حال كما قيل:"يا آدم لا تجزع من قولى لك واخرج منها فلك خلقتها وسأعيدك اليها".
فالرب تعالى ينعم على عبده بابتلائه ويعطيه بحرمانه ويصحبه بسقمه فلا يستوحش عبده من حالة تسوؤه أصلا الا اذا كانت تغضبه عليه وتبعده منه.
السابع عشر: أن يعلم العبد بأن فيه جاذبين متضادين ومحنته بين الجاذبين جاذب يجذبه إلى الرفيق الأعلى من أهل عليين وجاذب يجذبه إلى أسفل سافلين فكلما انقاد مع الجاذب الأعلى صعد درجة حتى ينتهى إلى حيث يليق به من المحل الأعلى وكلما انقاد إلى الجاذب الاسفل نزل درجة حتى ينتهى إلى موضعه من سجين ومتى أراد أن يعلم هل هو مع الرفيق