يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته
...
فأنت بالقلب لابالجسم انسان
وترك المنهى انما شرع له تحصيلا لهذا الأمر الذى هو ضرورى له وما أحوجه وافقره اليه.
الرابع: ان ترك المنهى من باب الحمية وفعل المأمور من باب حفظ القوة والغذاء الذى لاتقوم البنية بدونه ولا تحصل الحياة الا به فقد يعيش الإنسان مع تركه الحميه وان كان بدنه عليلا أشد ما يكون علة ولا يعيش بدون القوة والغذاء الذى يحفظها فهذا مثل المأمورات والمنهيات.
الخامس: ان الذنوب كلها ترجع إلى هذين الأصلين ترك المأمور وفعل المحظور ولو فعل العبد المحظور كله من أوله إلى آخره حتى أتى من مأمور الايمان بأدنى أدنى مثقال ذرة منه نجا بذلك من الخلود في النار ولو ترك كل محظور ولم يأت بمأمور الإيمان لكان مخلدا في السعير فأين شيء مثاقيل الذر منه تخرج من النار إلى شيء وزن الجبال منه أضعافا مضاعفة لا تقتضي الخلود في النار مع وجود ذلك المأمور أو أدنى شىء منه.
السادس: ان جميع المحظورات من أولها إلى آخرها تسقط بمأمور التوبة ولا تسقط المأمورات كلها معصية المخالفة الا بالشرك أو الوفاة عليه ولا خلاف بين الأمة ان كل محظور يسقط بالتوبة منه واختلفوا هل تسقط الطاعة بالمعصية وفي المسألة نزاع وتفاصيل ليس هذا موضعه.
السابع: ان ذنب الاب كان يفعل المحظور فكان عاقبته أن اجتباه ربه فتاب عليه وهدى وذنب ابليس كان بترك المأمور فكان عاقبته ما ذكر الله سبحانه وجعل هذا عبرة للذرية إلى يوم القيامة.
الثامن ان المأمور محبوب إلى الرب والمنهى مكروه له وهو سبحانه انما قدره وقضاه لأنه ذريعة إلى حصول محبوبه من عبده ومن نفسه تعالى