العبد ويوفقه لما يشكره عليه ويشكر القليل من العمل والعطاء فلا يستقله أن يشكره ويشكر الحسنة بعشر أمثالها الى أضعاف مضاعفة ويشكر عبده بقوله بأن يثنى عليه بين ملائكته وفى ملئه الأعلى ويلقى له الشكر بين عباده ويشكره بفعله فإذا ترك له شيئا أعطاه أفضل منه وإذا بذل له شيئا رده عليه أضعافا مضاعفة وهو الذى وفقه للترك والبذل وشكره على هذا وذاك.
ولما عقر نبيه سليمان الخيل غضبا له اذ شغلته عن ذكره فاراد ألا تشغله مرة أخرى أعاضه عنها متن الريح ولما ترك الصحابة ديارهم وخرجوا منها فى مرضاته أعاضهم عنها أن ملكهم الدنيا وفتحها عليهم.
ولما احتمل يوسف الصديق ضيق السجن شكر له ذلك بأن مكن له فى الارض يتبوأ منها حيث يشاء ولما بذل الشهداء أبدانهم له حتى مزقها أعداؤه شكر لهم ذلك بأن أعاضهم منها طيرا خضرا أقر أرواحهم فيها ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها الى يوم البعث فيردها عليهم أكمل ما تكون وأجمله وأبهاه ولما بذل رسله أعراضهم فيه لأعدائهم فنالوا منهم وسبوهم أعاضهم من ذلك بأن صلى عليهم هو وملائكته وجعل لهم أطيب الثناء فى سمواته وبين خلقه فأخلصهم بخالصة ذكرى الدار.
ومن شكره سبحانه أنه يجازى عدوه بما يفعله من الخير والمعروف فى الدنيا ويخفف به عنه يوم القيامة فلا يضيع عليه ما يعمله من الاحسان وهو من أبغض خلقه اليه ومن شكره أنه غفر للمرأة البغى بسقيها كلبا كان قد جهده العطش حتى أكل الثرى وغفر لآخر بتنحيته غصن شوك عن طريق المسلمين.
فهو سبحانه يشكر العبد على احسانه لنفسه والمخلوق انما يشكر من أحسن اليه وأبلغ من ذلك أنه سبحانه هو الذى أعطى العبد ما يحسن به الى نفسه وشكره على قليله بالاضعاف المضاعفة التى لا نسبة لإحسان