وقال ثابت: أصيب عبد الله بن مطرف بمصيبة فرايته أحسن شئ شارة وأطيبه ريحا فذكرت له ما رأيت فقال تأمرنى يا أبا محمد أن أستكين للشيطان وأريه أنه قد أصابنى سوء والله يا أبا محمد لو كانت لى الدنيا كلها ثم أحذها منى ثم سقانى شربة يوم القيامة ما رايتها ثمنا لتلك الشربة
ومما يقدح فى الصبر اظهار المصيبة والتحدث بها وكتمانها رأس الصبر وقال الحسن بن الصباح فى مسنده حدثنا خلف بن تميم حدثنا زافر بن سليمان عن عبد العزيز بن أبى رواد عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله: "من البر كتمان المصائب والامراض والصدقة" وذكر أنه من بث الصبر فلم يصبر
وروى من وجه آخر عن الحسن يرفعه: من البر كتمان المصائب وما صبر من بث ولما نزل فى احدى عينى عطاء الماء مكث عشرين سنة لا يعلم به أهله حتى جاء ابنه يوما من قبل عينيه فعلم أن الشيخ قد أصيب
ودخل رجل على داود الطائى فى فراشه فرآه يرجف فقال انا لله وانا اليه راجعون فقال مه لا تعلم بهذا أحدا وقد أقعد قبل ذلك اربعة أشهر لا يعلم بذلك أحد وقال مغيرة شكى الاحنف الى عمه وجع ضرسه فكرر ذلك عليه فقال ما تكرر على لقد ذهبت عينى منذ أربعين سنة فما شكوتها الى أحد
فصل: ويضاد الصبر الهلع وهو الجزع عند ورود المصيبة والمنع عند ورود النعمة قال تعالى {إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً} وهذا تفسير الهلوع
قال الجوهرى: الهلع أفحش الجزع وقد هلع بالكسر فهو هلع وهلوع
وفى الحديث: "شر ما فى العبد شح هالع وجبن خالع".