وتصديقه وتحكيمه في كل شيء والرضا لحكمه والتسليم له وتقديم محبته على محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين صلوات الله وسلامه عليه فدخل في ذلك القيام بحقه وحق رسوله وأمر أن نصل ما بيننا وبين الوالدين والأقربين بالبر والصلة فأنه أمر بيد الوالدين وصلة الأرحام وذلك مما أمر به أن يوصل وأمر ان نصل ما بيننا وبين الزوجات بالقيام بحقوقهن ومعاشرتهن بالمعروف وأمر أن نصل ما بيننا وبين الأرقاء بأن نطعمهم مما نأكل ونكسوهم مما نكتسي ولا نكلفهم فوق طاقتهم وأن نصل ما بيننا وبين الجار القريب والبعيد بمراعاة حقه وحفظه في نفسه وماله وأهله بما نحفظ به نفوسنا وأهلينا وأموالنا وأن نصل ما بيننا وبين الرفيق في السفر والحضر وأن نصل ما بيننا وبين عموم الناس بأن نأتى اليهم بما نحب أن يأتوه الينا وأن نصل ما بيننا وبين الحفظة الكرام الكاتبين بأن نكرمهم ونستحى منهم كما يستحى الرجل من جليسه ومن هو معه ممن يجله ويكرمه.
فهذا كله مما أمر الله به أن يوصل ثم وصفهم بالحامل لهم على هذه الصلة وهو خشيته وخوف سوء الحساب يوم المآب ولا يمكن لأحد قط أن يصل ما أمر الله بوصله الا بخشيته ومتى ترحلت الخشية من القلب انقطعت هذه الوصل ثم جمع لهم سبحانه ذلك كله في أصل واحد هو أخية ذلك وقاعدته ومداره الذى يدور عليه وهو الصبر فقال والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم فلم يكتف منهم بمجرد الصبر حتى يكون خالصا لوجهه.
ثم ذكر لهم ما يعيينهم على الصبر وهى الصلاة فقال وأقاموا الصلاة وهذان هما العونان على مصالح الدنيا والآخرة وهما الصبر والصلاة فقال تعالى {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} وقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} .