قبل أغنيائهم بنصف يوم وهو خمسمائة عام وتلا موسى ابن عبيدة {وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}

قالوا فهذا خبر واحد وكلام متصل ذكره بشارة لهم عندما ذكروا مساواة الاغنياء لهم فى القول المذكور فأشبه أن يرجع الفضل الى سبق الفقراء للأغنياء وأنهم بهذه البشارة مخصصون فكان السبق لهم دون غيرهم وان ساووهم فى القول وساووهم فى الانفاق بالنيه كما فى حديث أبى كبشة المتقدم وحصلت لهم مزية الفقر

قالت الاغنياء: لقد بالغتم فى صرف الحديث عن مقصوده الى جهتكم وهو صريح فى تفضيل هذا الحديث لمن انصف فإن قوله {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاء} خرج جوابا للفقراء عن قولهم إن أهل الدثور قد ساووهم فى الذكر كما ساووهم فى الصلاة والصوم والايمان وبقيت مزية الانفاق ولم يحصل لهم ما يلحقهم فيها وما علمتنا من الذكر قد لحقونا فيه فقال لهم حينئذ {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاء} وهذا صريح جدا فى مقصوده فلما انكسر القوم بتحقق السبق بالانفاق الذى عجزوا عنه أخبرهم بالبشارة بالسبق إلى دخول الجنة بنصف يوم وأن هذا السبق فى مقابلة ما فاتكم من فضيلة الغنى والانفاق ولكن لا يلزم من ذلك رفعتهم عليهم فى المنزلة والدرجة فهؤلاء السبعون ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب من الموقوفين للحساب من هو أفضل من أكثرهم وأعلى منه درجة

قالوا وقد سمى سبحانه المال خيرا فى غير موضع من كتابه كقوله تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ} وقوله انه لحب الخير لشديد وأخبر رسول الله أن الخير لا يأتى الا بالخير كما تقدم وانما يأتى بالشر معصية الله فى الخير لا نفسه

وأعلم الله سبحانه أنه جعل المال قواما للأنفس وأمر بحفظها ونهى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015