كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه قالوا ونحن لا ننكر فضيلة الصبر على الفقر ولكن أين تقع من هذه الفضائل وقد جعل الله لكل شئ قدرا
قالوا: وقد جعل رسول الله الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر ومعلوم أنه اذا تعدى شكره الى الإحسان الى الغير ازداد أخرى فان الشكر يتضاعف الى ما لا نهاية له بخلاف الصبر فان له حدا يقف عليه
وهذا دليل مستقل فى المسألة يوضحه أن الشاكر أفضل من الراضى الذى هو أعلى من الصابر فاذا كان الشاكر أفضل من الراضى الذى هو أفضل من الصابر كان أفضل من الصابر فى درجتين
قالوا وفى الصحيحين من حديث الزهرى عن سالم عن ابيه قال قال رسول الله: "لا حسد الا فى اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل والنهار " فجعل الغنى مع الانفاق بمنزلة القرآن مع القيام به قالوا وقد صرح فى حديث أبى كبشه الأنمارى أن صاحب المال إذا عمل فى ماله بعلمه واتقى فيه ربه ووصل به رحمه وأخرج منه حق الله فهو فى أعلى المنازل عند الله وهذا تصريح فى تفضيله وجعل الفقير الصادق اذا نوى أن يعمل بعمله وقال ذلك بلسانه ثانيا وانه بنيته وقوله وأجرهما سواء فإن كلا منهما نوى خيرا وعمل ما يقدر عليه فالغنى نواه ونفذه بعلمه والفقير العالم نواه ونفذه بلسانه فاستويا فى الاجر من هذه الجهة ولا يلزم من استوائهما فى أصل الاجر استواؤهما فى كيفيته وتفاصيله فإن الأجر على العمل والنيه له مزية على الاجر على مجرد النيه التى قارنها القول ومن نوى الحج ولم يكن له مال يحج به وان أثيب على ذلك فإن ثواب من باشر أعمال الحج مع النيه له مزية عليه
واذا اردت فهم هذا فتأمل قول النبى: "من سأل الله الشهادة