الباب الرابع والعشرون: فى ذكر ما احتجت به الأغنياء من الكتاب والسنة والآثار والاعتبار
قالت الأغنياء لقد أجلبتم علينا أيها الفقراء بخيل الأدلة ورجلها ونحن نعلم أن عندكم مثلها وأكثر من مثلها ولكن توسطتم بين التطويل والاختصار وظننتم أنها حكمت لكم بالفضل دون ذوى اليسار ونحن نحاكمكم الى ما حاكمتمونا اليه ونعرض بضاعتنا على من عرضتم بضاعتكم عليه ونضع أدلتنا وأدلتكم فى ميزان الشرع والعقل الذى لا يعزل فحيئذ يتبين لنا ولكم الفاضل من المفضول ولكن اخرجوا من بيننا من تشبه بالفقراء الصادقين الصابرين ولبس لباسهم على قلب أحرص الناس على الدنيا وأشحهم عليها وأبعدهم من الفقر والصبر من كل مظهر للفقر مبطن للحرص غافل عن ربه متبع لهواه مفرط فى أمر معاده قد جعل زى الفقر صناعة وتحلى بما هو أبعد الناس منه بضاعة أو فقير حاجة فقره اضطرارا لا اختيارا فزهده زهد افلاس لا زهد رغبة فى الله والدار الآخرة أو فقير يشكو ربه بلسان قاله وحاله غير راض عن ربه فى فقره بل ان أعطى رضى وان منع سخط شديد اللهف على الدنيا والحسرة عليها وهو أفقر الناس فيها فهو أرغب شئ فيها وهى أزهد شيء فيه وأخرجوا من بيننا ذى الثروة الجموع المنوع المتكاثر بماله