فشربوا منه فلم يرووا وجعلوا كلما ازدادوا شربا ازدادوا ظمأ حتى تقطعت أمعاؤهم وماتوا عطشا وعلم عقلاؤهم أنه مر مالح وأنه كلما ازداد الشارب منه ازداد ظمأه فتباعدوا عنه مسافة حتى وجدوا أرضا حلوة فحفروا فيها قليا فنبع لهم ماء عذب فرات فشربوا وعجنوا وطبخوا ونادوا إخوانهم الذين على حافة البحر هلموا إلى الماء الفرات وكان منهم المستهزئ ومنهم المعرض الراضى بما هو فيه وكان المجيب واحدا بعد واحد وهذا المثل بعينه قد ضربه المسيح عليه السلام فقال مثل طالب الدنيا كمثل شارب ماء البحر كلما ازداد شربا ازداد عطشا حتى يقتله

المثال السابع عشر: مثل الانسان ومثل ماله وعمله وعشيرته مثل رجل له ثلاثة اخوة فقضى له سفر بعيد طويل لا بد له منه فدعا إخوته الثلاثة وقال قد حضر ما ترون من هذا السفر الطويل وأحوج ما كنت اليكم الآن فقال أحدهم أنا كنت أخاك الى هذه الحال ومن الآن فلست بأخ ولا صاحب وما عندى غير هذا فقال له لم تغن عنى شيئا فقال للآخر ما عندك فقال كنت أخاك وصاحبك إلى الآن وأنا معك حتى أجهزك الى سفرك وتركب راحلتك ومن هنالك لست لك بصاحب فقال له أنا محتاج الى مرافقتك فى مسيرى فقال لا سبيل لك الى ذلك فقال لم تغن عنى شيئا فقال للثالث ما عندك أنت فقال كنت صاحبك فى صحتك ومرضك وأنا صاحبك الآن وصاحبك اذا ركبت راحلتك وصاحبك فى مسيرك فإن سرت سرت معك وان نزلت نزلت معك واذا وصلت الى بلدك كنت صاحبك فيها لا أفارقك ابدا فقال ان كنت لأهون الاصحاب على وكنت أوثر عليك صاحبيك فليتنى عرفت حقك وآثرتك عليهما

فالأول ماله والثانى أقاربه وعشيرته وأصحابه والثالث عمله وقد روى فى هذا المثل بعينه حديث مرفوع لكنه لا يثبت رواه أبو جعفر العقيلى فى كتاب الضعفاء من حديث ابن شهاب عن عروة عن عائشة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015