صالحا وعلى كل حال لا يلقى ذلك إلا الصابرون على الفقر وعن الدنيا وشهواتها وما أترف فيه الاغنياء وقد شهد الله سبحانه لهم أنهم من أهل العلم دون الذين تمنوا الدنيا وزينتها
الوجه الثامن: انه سبحانه أنكر على من ظن أن التفضيل يكون بالمال الذى يحتاج اليه لاقامة الملك فكيف بما هو زيادة وفضلة فقال تعالى {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} فرد الله سبحانه قولهم وأخبر سبحانه أن الفضل ليس بالمال كما توهموه وأن الفضل بالعلم لا بالمال وقال سبحانه قال بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ففضله ورحمته العلم والايمان والقرآن والذى يجمعونه هو المال وأسبابه ومثله قوله تعالى أهم يقسمون رحمة ربك الى قوله ورحمة ربك خير مما يجمعون
الوجه التاسع: انه سبحانه أخبر أن التكاثر فى جمع المال وغيره ألهى الناس وشغلهم عن الآخرة والاستعداد لها وتوعدهم على ذلك فقال تعالى {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} فأخبر سبحانه أن التكاثر شغل أهل الدنيا وألهاهم عن الله والدار الآخرة حتى حضرهم الموت فزاروا المقابر ولم يفيقوا من رقدة من ألهاهم التكاثر وجعل الغاية زيارة المقابر دون الموت ايذانا بأنهم غير مستوطنين ولا مستقرين فى القبور وأنهم فيها بمنزلة الزائرين يحضرونها مدة ثم يظعنون عنها كما كانوا فى الدنيا زائرين لها غير مستقرين فيها ودار القرار هى الجنة أو النار ولم يعين سبحانه المتكاثر به بل ترك ذكره اما لأن المذموم هو نفس التكاثر بالشئ لا المتكاثر به كما يقال شغلك اللعب واللهو ولم يذكر ما يلعب ويلهو به واما ارادة الاطلاق وهو كل ما تكاثر به العبد غيره من أسباب الدنيا من مال أو جاه أو عبيد أو اماء أو