فهذه ثلاثة مواضع فى القرآن يخبر فيها سبحانه أنه خلق العالم العلوى والسفلى وما بينهما وأجل العالم وأجل أهله وأسباب معائشهم التى جعلها زينة للأرض من الذهب والفضة والمساكن والملابس والمراكب والزروع والثمار والحيوان والنساء والبنين وغير ذلك كل ذلك خلقه للابتلاء والامتحان ليختبر خلقه أيهم أطوع له وارضى فهو الاحسن عملا
وهذا هو الحق الذى خلق به وله السموات والارض وما بينهما وغايته الثواب والعقاب وفواته وتعطيله هو العبث الذى نزه نفسه عنه وأخبر أنه يتعالى عنه وأن ملكه الحق وتفرده بالالهية وحده وبربوبية كل شئ ينفى هذا الظن الباطل والحساب الكاذب كما قال تعالى {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} فنزه سبحانه نفسه عن ذلك كما نزهها عن الشريك والولد والصاحبة وسائر العيوب والنقائص من السنة والنوم واللغوب والحاجة واكتراثه بحفظ السموات والارض وتقدم الشفعاء بين يديه بدون اذنه كما يظنه أعداؤه المشركون يخرجون عن علمه جزئيات العالم أو شيئا منها فكما أن كماله المقدس وكمال أسمائه وصفاته يأبى ذلك ويمنع منه فكذلك يبطل خلقه لعباده عبثا وتركهم سدى لا يأمرهم ولا ينهاهم ولا يردهم اليه فيثيب محسنهم بإحسانه ومسيئهم باساءته ويعرف المبطلون منهم انهم كانوا كاذبين ويشهدهم أن رسله وأتباعهم كانوا اولى بالصدق والحق منهم فمن أنكر ذلك فقد انكر إلهيته وربوبيته وملكه الحق وذلك عين الجحود والكفر به سبحانه كما قال المؤمن لصاحبه الذى حاوره فى المعاد وأنكره {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} فأخبر أن انكاره للمعاد كفر بذات الرب سبحانه وقال تعالى وان تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا إنا لفى خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وذلك أن انكار المعادى يتضمن انكار قدرة الرب وعلمه وحكمته وملكه الحق وربوبيته والهيته كما أن تكذيب رسله وجحد رسالتهم يتضمن ذلك ايضا فمن كذب رسله وجحد