واللسان للثناء والحمد والجوارح لاستعمالها فى طاعة المشكور وكفها عن معاصيه وقال الشاعر

أفادتكم النعماء منى ثلاثة ... يدى ولسانى والضمير المحجبا

والشكر أخص بالافعال والحمد أخص بالاقوال وسبب الحمد أعم من سبب الشكر ومتعلق الشكر وما به الشكر أعم مما به الحمد فما يحمد الرب تعالى عليه أعم مما يشكر عليه فانه يحمد على أسمائه وصفاته وأفعاله ونعمه ويشكر على نعمه وما يحمد به أخص مما يشكر به فانه يشكر بالقلب واللسان والجوارح ويحمد بالقلب واللسان

فصل: اذا عرف هذا فكل من الصبر والشكر داخل فى حقيقة الآخر لا يمكن وجوده الا به وانما يعبر عن أحدهما باسمه الخاص به باعتبار الاغلب عليه والاظهر منه والا فحقيقة الشكر انما يلتئم من الصبر والارادة والفعل فان الشكر هو العمل بطاعة الله وترك معصيته والصبر أصل ذلك فالصبر على الطاعة وعن المعصية هو عين الشكر واذا كان الصبر مأمورا به فأداؤه هو الشكر

فان قيل فهذا يفهم منه اتحاد الصبر والشكر وانهما اسمان لمسمى واحد وهذا محال عقلا ولغة وعرفا وقد فرق الله سبحانه بينهما

قيل بل هما معنيان متغايران وانما بينا تلازمهما وافتقار كل واحد منهما فى وجود ماهيته الى الآخر ومتى تجرد الشكر عن الصبر بطل كونه شكرا واذا تجرد الشكر عن الصبر بطل كونه صبرا أما الاول فظاهر وأما الثانى اذا تجرد عن الشكر كان كافورا ومنافاة الكفور للصبر أعظم من منافاة السخوط

فان قيل بل ها هنا قسم آخر وهو أن لا يكون كفورا ولا شكورا بل صابرا على مضض وكراهة شديدة فلم يأت بحقيقة الشكر ولم يخرج عن ماهية الصبر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015