فحمد الله على ما فضله به عليه كتبه الله صابرا شاكرا ومن نظر في دينه إلى من هو دونه ونظر في دنياه إلى من هو فوقه فأسف على ما فاته منه لم يكتبه الله صابرا شاكرا وبهذا الإسناد عن عبد الله ابن عمرو موقوفا عليه أربع خصال من كن فيه بنى الله له بيتا في الجنة من كان عصمة أمره لا اله الا الله واذا أصابته مصيبه قال انا لله وانا اليه راجعون واذا أعطى شيئا قال الحمد لله واذا أذنب قال استغفر الله
وقال ابن المبارك عن شبل عن أبى نجيح عن مجاهد في قوله تعالى {إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً} قال لم يأكل شيئا إلا حمد الله عليه ولم يشرب شرابا قط الا حمد الله عليه ولم يبطش بشيء قط الا حمد الله عليه فأثنى الله عليه انه كان عبدا شكورا وقال محمد بن كعب كان نوح إذا أكل قال الحمد لله وإذا شرب قال الحمد لله وإذا لبس قال الحمد لله وإذا ركب قال الحمد لله فسماه الله عبدا شكورا وقال ابن أبى الدنيا بلغنى عن بعض الحكماء قال لو لم يعذب الله على معصيته لكان ينبغى أن لا يعصى لشكر نعمته
فصل: "ولله تبارك وتعالى على عبده نوعان من الحقوق لا ينفك عنهما أحدهما أمره ونهيه اللذين هما محض حقه عليه والثانى شكر نعمه التى أنعم بها عليه فهو سبحانه يطالبه بشكر نعمه وبالقيام بأمره فمشهد الواجب عليه لا يزال يشهده تقصيره وتفريطه وأنه محتاج الى عفو الله ومغفرته فإن لم يداركه بذلك هلك وكلما كان أفقه في دين الله كان شهوده للواجب عليه أتم وشهوده لتقصيره أعظم وليس الدين بمجرد ترك المحرمات الظاهرة بل بالقيام مع ذلك بالأوامر المحبوبة لله واكثر الديانين لا يعبأون منها الا بما شاركهم فيه عموم الناس
وأما الجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والنصيحه لله ورسوله وعباده ونصرة الله ورسوله ودينه وكتابه فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم فضلا عن أن يريدوا فعلها وفضلا عن أن يفعلوها وأقل الناس دينا