وأعمال يعمل بها وأحوال ترتب له على علومه وأعماله وأفضل العلم والعمل والحال العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله والعمل بمرضاته وانجذاب القلب إليه بالحب والخوف والرجاء فهذا أشرف ما في الدنيا وجزاؤه أشرف ما في الاخرة وأجل المقاصد معرفة الله ومحبته والأنس بقربه والشوق إلى لقائه والتنعم بذكره وهذا أجل سعادة الدنيا والآخرة وهذا هو الغاية التى تطلب لذاتها وانما يشعر العبد تمام الشعور بأن ذلك عين السعادة اذا انكشف له الغطاء وفارق الدنيا ودخل الاخرة والا فهو في الدنيا وان شعر بذلك بعض الشعور فليس شعوره به كاملا للمعارضات التى عليه والمحن التى امتحن بها والا فليست السعادة في الحقيقة سوى ذلك وكل العلوم والمعارف تبع لهذه المعرفة مرادة لأجلها وتفاوت العلوم في فضلها بحسب افضائها إلى هذه المعرفة وبعدها فكل علم كان أقرب افضاء إلى العلم بالله وأسمائه وصفاته فهو أعلى مما دونه وكذلك حال القلب فكل حال كان أقرب إلى المقصود الذى خلق له فهو أشرف مما دونه وكذلك الاعمال فكل عمل كان أقرب إلى تحصيل هذا المقصود كان أفضل من غيره ولهذا كانت الصلاة والجهاد من أفضل الأعمال وأفضلها لقرب افضائها إلى المقصود وهكذا يجب أن يكون فإن كل ما كان الشيء أقرب إلى الغاية كان أفضل من البعيد عنها فالعمل المعد للقلب المهيئ له لمعرفة الله وأسمائه وصفاته ومحبته وخوفه ورجائه أفضل مما ليس كذلك واذا أشتركت عدة أعمال في هذا الافضاء فأفضلها أقربها إلى هذا المفضى ولهذا اشتركت الطاعات في هذا الإفضاء فكانت مطلوبة لله واشتركت المعاصى في حجب القلب وقطعه عن هذه الغاية فكانت منهيا عنها وتأثير الطاعات والمعاصى بحسب درجاتها

وها هنا أمر ينبغى التفطن له وهو أنه قد يكون العمل المعين أفضل منه في حق غيره فالغنى الذى بلغ له مال كثير ونفسه لا تسمح ببذل شئ منه فصدقته وايثاره أفضل له من قيام الليل وصيام النهار نافلة والشجاع الشديد الذى يهاب العدو سطوته وقوفه في الصف ساعة وجهاده أعداء الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015