أما صيفاً فلأن الرياح للرمال تسفى، فتختفى الطريق على المارة وتعفى، وأما شتاء فلأن الثلج النازل فيها يتراكم عليها فيغطيها، إذ كل أرضها مجاهل ومنازلها مذاهل، ومراحلها مهامه ومناهل، فعلى كل تقدير، سلوكها مهلك عسير فكانت الوقعة الخامسة عشرة على إيدكو فتشتت وتشرد، وتبذر وتبدد، وغرق هو ونحو خمسمائة رجل من أخصائه في بحر الرمل، فلم يشعر به أحد واستبد توقتاميش بالمملكة، وصفا له دشت بركه، وكان مع هذا متشوفاً لأخبار إيدكو وأحواله متشوقاً لمعرفة كيفية هلاكه في رماله، ومر على ذلك نحو من نصف سنة، وانقطع أثره عن الأعين وخبره عن الألسنة وإيدكو كان دعيميص تلك الأعقاص والأحقاف وممن قطع بسير أقدامه أديم تلك النعال والأخفاف، فصار يتربص ويتصبر ويتفكر معنى ما قلته ويتدبر، وهو

أرقب القصد وانتظر فرصاً ... وانتهز وقتها إذا ماجا

وامزج الصبر بالحجا فبه ... ورق التوت صار ديباجا

فلما تيقن أن توقتاميش أيسه، وتحقق أن ليث المنايا افترسه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015